الدعاء بعد الصلاة بصفة عامة

الذي قال لك لا تجوز المداومة على الدعاء بعد الصلاة هو المبتدع، بل هو مفترٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلاة المكتوبة. قال الترمذي: حديث حسن. ودبر الصلاة أي عقب الصلاة، كقوله صلى الله عليه وسلم: تسبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين.. إلخ. وروى أبو داود والنسائي بسند صحيح عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا معاذ والله إني أحبك. ثم قال: أوصيك يا معاذ، لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ورفع اليدين عند الدعاء ليس من محدثات الأمور، بل هو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يرفع يديه ويبسط كفيه عند كل دعاء، فعل ذلك في دعائه ليلة غزوة بدر، وفعل ذلك في دعائه عندما قحط الناس فاستسقى لهم حتى بدا بياض إبطيه. وهو صلى الله عليه وسلم القائل: ((إن ربكم حيي كريم يستحي من عباده إذا بسطوا أكفهم إليه أن يردّها صفراً)). أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين. على أن الأمر بالدعاء في القرآن من قبيل ((المطلق)) والمطلق يجري على إطلاقه أي فهو مشروع في كل وقت وعلى كل حال. فادع الله في الوقت الذي تشاء ولا تصغِ السمع أولئك الذي يجعلون من قسوة قلوبهم وجهالة عقولهم يحتجون بها على الناس.
الشيخ العلامة السوري:محمد سعيد البوطي